أتعلمون كيف يكون الاشتياق قد وصل إلى ذروته؟ حين تُواصل، على الرغم من تصويب السهام نحوك باحترافية.. سهامٌ آتية من دروب اللاعودة، لتتلقفَكَ حينها رياحٌ تحفر هي الأخرى بين ثناياك وتُدوِّن حكايات الخريف الشائك.. وأنت، على الرغم من هذا، يجتاحُ كلَّ جوارحك أملُ اللقاء.. وفي قريتنا، تجد البعض يتحدث عن فصل الربيع كما حُكي في مجلدات الأساطير، ومنهم من رسم له لوحةً، وعاش بها وفي ذكراها، واختلق أكذوبةً لكي يحتفلَ بها مع ضيِّ شموع كعكة نيسان. فهي كعكةٌ تُصنع مرةً في السنة، في نيسان، ظلت مُقدسة.. فكيف نحتفل بربيع لم يُذكر إلا في مجلدات الأساطير؟! حينها قررتُ الصمت، لكن قلمي لم يصمت بعدُ.. فبينَ حروفي أستشعرُ الربيع، ربما أكون قد فعلتُ مثلهم، اختلقتُ أيضًا أكذوبةً كي أرى من صمت الحروف ما ضلَّ عنه السابقون في البحث.. إلى أن اتخذت قرارًا بأن أبحث عنه، لكن بهُويَّةٍ جديدةٍ وقناعاتٍ أعمق؛ لأقوى على مشقَّة البحث عنه.. عمَّن؟! شيخ قبيلتنا؛ فبِهِ يكتملُ الربيع الذي ضللنا الطريقَ إليه، نعم سوف يكتمل عند قمة ذاك الجبل. وسط رحلة البحث، تفقد أعزَّ إنسانٍ لديك، وتجد نفسك وحدك مستكملًا. ربما أكون قد وجدتُه بين حروفي حينها، وعلمت أين هو، أو كان يسخر مني عقلي الباطن. لكن كل ما أودُّ قولَهُ وأنا بكامل عقلي: صدقًا، لن أتخلَّى عن هويتي الجديدة.
ذا كتاب عن الرمز والترميز في الثقافة الدارجة و" الراقية"، وفي الأدب؛ شعره ونثره، في النصوص اللغويّة والبصريّة. يتأسس الكتاب على مهاد عن الرمز والترميز، ولغات التواصل البشري غير اللفظي، والكلام بغير كلام، ويشتمل فصولًا يتناول كلٌّ منها رمزًا بالمناقشة؛ من القمر إلى الكهف، والباب، والبحر، إلى العين واللون الأسود، وغير ذلك من رموز، ويستعرض بعض تجليات ذلك الرمز في الثقافة والأدب، في الشرق والغرب. ثم يتناول نصًّا أدبيًّا يظهر فيه الرمز بجلاء، ويؤدي دورًا مهمًّا في إنتاج دلالة النّص. يشمل الكتاب كذلك نصوصًا متضمنّة تشير إلى بعض ما فيه من مفاهيم وأفكار وموضوعات. من غايات هذه النصوص الصغرى الاستطرادُ، ودفعُ الملالة والسأم، وفتح آفاق تحليل جديدة. وفي الكتاب عبارات وجُمَل ونصوص من لهجات عربيّة - خصوصا لغة أهل مصر- ترد في الكتاب على هيئتها، لا باللغة العربية الفصحى؛ ليبقى زخمها الثقافي بلا نقصان. ( إلّا رمزًا) كتاب يومئ ويشير، لكنّه لا يحيط. يحتفي بالرمز والترميز، وبالإنسان؛ مدار الترميز، وبالنّصوص الأدبية والثقافيّة؛ تلك الحقول التي تنمو فيها الرموز وتثمر
كيف يمكن أن تجد لديها الجرأة، والتوقّد، والتجرّد، والعظمة؟ لا تظهر هذه الخصال إلّا عندما ترمي حريّةٌ ما نفسها عبر مستقبلٍ مفتوحٍ، منبثقٍ إلى ما وراء كلّ معطىً. نحبس المرأة في مطبخٍ، أو مخدعٍ، ونستغرب أن يكون أفقها محدوداً؛ نقصّ أجنحتها، ونأسف لأنّها لا تعرف الطيران. فلنفتح لها المستقبل، ولن تعود مضطرّةً للمكوث في الحاضر.
ونبدي التناقض نفسه عندما نسجنها في حدود أناها، أو منزلها، ونلومها على نرجسيّتها، وأنانيّتها، وما يصحبهما: كالغرور، والنزق، والشرّ... إلخ؛ نجرّدها من كلّ إمكانيّة التواصل المحسوس مع الغير، فلا تشعر ضمن تجربتها بنداء التضامن، ولا بفوائده، بما أنّها مكرّسةٌ بكلّيّتها لأسرتها، ومنفصلةٌ؛ بذلك لا يمكن أن نتوقّع منها أن تتجاوز نفسها نحو الصالح العام. تقبع بإصرارٍ في المجال الوحيد الذي ألِفَته؛ حيث تستطيع ممارسة تأثيرٍ على الأشياء، وتجد ضمنه سيادةً زائلة.